مرحبـــا

طقس دلهي

35°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

الأخبار | 25 May 2017

الهند تعيد تعريف سياستها تجاه فلسطين

براغاتي غوبتا

بدأت بالتعامل معها ومع إسرائيل ليس على أنهما توأمان ملتصقان سياسياً

لاقت الزيارة الأخيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إلى الهند كثيرا من الانتقادات من قبل المراقبين في الشرق الأوسط؛ إذ أدت العلاقات الهندية – الإسرائيلية المتنامية إلى زيادة التكهنات بشأن تخلي الهند عن موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية.

وفي محاولة لتهدئة المخاوف والتكهنات، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي سيكون أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، للرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الهند تدعم وبقوة الحل السياسي للقضية الفلسطينية، مؤكدا دعم الهند الثابت لها على أساس القرارات الدولية وحل الدولتين.

وكانت زيارة الرئيس الفلسطيني هي الزيارة الخامسة له منذ انتخابه خلفا للرئيس الراحل ياسر عرفات في يناير (كانون الثاني) عام 2005، والأولى بعد تولي ناريندرا مودي رئاسة الوزراء الهندية. ولقد التقى الزعيمان في سبتمبر (أيلول) عام 2015 خلال الجلسة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وحملت الزيارة الأخيرة للرئيس الفلسطيني جميع المراسم التقليدية المرتبطة بزيارة رئيس الدولة. وعلى الرغم من الاستقبال الرسمي، والمجاملات، واللباقة الرفيعة، فإن الهند أشارت إلى منهج جديد بشأن فلسطين والصراع العربي – الإسرائيلي على نطاقه الأوسع.

على مدى سنوات، تطور الموقف الهندي حيال الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وفي وقت مبكر، كان التضامن الهندي مع النضال الفلسطيني راسخا لدرجة أنه على مدى أكثر من أربعة عقود رفضت الهند إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. ولكن التحولات الجيوسياسية مع نهاية الحرب الباردة اضطرت الهند إلى وضع سياسة خارجية جديدة أسفرت عن إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في عام 1992. ومنذ ذلك الحين، حافظت الهند على التوازن بين تنمية العلاقات الثنائية مع إسرائيل والإعراب عن تضامنها مع فلسطين.

ووفقا للبروفسور بي. آر. كوماراسوامي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط المعاصر في جامعة جواهر لال نهرو، فلقد أعربت نيودلهي تحت سلطة حكومة مودي عن تحول سياستها حيال الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وإعادة تعريف محددات تلك السياسة. وفي حين أن الهند حريصة على زيادة مستوى العلاقات الثنائية مع فلسطين، فإن الهند غير مستعدة لطرح سياستها تجاه إسرائيل من خلال المنظور الفلسطيني التقليدي. وفي أعقاب المحادثات الأخيرة مع الرئيس الفلسطيني، أكد مودي دعم الهند لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة والقابلة للوجود الفعلي على الأرض، والمتعاونة بشكل سلمي مع إسرائيل. وهي من العبارات الدبلوماسية القوية للغاية والمحملة بالآثار بعيدة المدى.

يقول موداسار قمر، من معهد الدراسات والتحليلات الدفاعية في نيودلهي: «البيانات القوية الداعمة لفلسطين التي صرح بها مودي خلال زيارة عباس تشير إلى أن الهند لم تعد تشعر بالحاجة إلى التقليل من شأن أي من هذه العلاقات الثنائية مع إسرائيل أو فلسطين. والهند، من جانبها، أكثر وعيا وإدراكا لدورها الخاص في منطقة غرب آسيا. وخلصت القيادة الهندية إلى أن تقاربها المتزايد من إسرائيل لا يضر مطلقا بموقفها الداعم للقضية الفلسطينية. ولقد استغرق الأمر من الهند نحو أربعين سنة لاتخاذ قرار الصداقة مع إسرائيل، ولكن استغرق الأمر منها نحو عقدين ونصف من الزمن لكي تتوقف عن اعتبار هذه العلاقات شديدة السرية».

وقال الرئيس الفلسطيني إن القيادة الهندية قد أكدت على الأهمية الكبرى للعلاقات الثنائية مع فلسطين، التي نالت كثيرا من الزخم وشهدت مزيدا من التوسع في السنوات الأخيرة. كما أعرب عن أمله في أن تزيد هذه الزيارة من أواصر التعاون الثنائي وتنويع مستويات العلاقات لما فيه صالح الشعبين. وأعرب الرئيس الفلسطيني كذلك عن سعادته بحقيقة أن أغلب المشاريع المعلن عنها خلال الزيارة سوف تأخذ صيغة التنفيذ الفعلي في المستقبل القريب.

ولقد سلم الرئيس الفلسطيني لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هديتين كان اختيارهما يوحي بقدر كبير من الحكمة: صورة من الفسيفساء المؤطرة لشخصية رئيس الوزراء الهندي، وقطعة فنية مؤطرة مع اسم الزعيم الهندي محفور عليها باللغة العربية. في اعتراف بأن السيد مودي يملك الطاقة والمقدرة على المحاولة في تغيير قواعد اللعبة السياسية في النظام العالمي دائم التغير والتجدد.

في نيودلهي، وفي إشادة واضحة بالمكانة الدبلوماسية للهند، شدد الرئيس عباس على الدور الهندي في جهود السلام المرتقبة. وتؤكد تصريحات عباس، مثل تصريحات رئيس الوزراء الهندي في تأييده الواضح لدولة فلسطين المستقلة، على أن الهند قد نجحت في التأكيد على علاقاتها الثنائية بكل من إسرائيل وفلسطين.

ومن ثم، ينظر إلى الهند الآن من زاوية المحور الدولي المناسب لتفعيل المفاوضات بين الجانبين. ولقد حث الجانب الفلسطيني، في كثير من المناسبات، الجانب الهندي على تفعيل دوره مع بقية اللاعبين الدوليين في تسهيل المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية. على سبيل المثال، في مقابلة شخصية أجريت مع صحيفة «هيندو» بتاريخ 16 مايو (أيار) الحالي، قال الرئيس الفلسطيني: «بالنسبة إلى الهند، ذكرنا على الدوام أننا نرغب في مشاركة هندية فاعلة، إلى جانب الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا وغير ذلك من دول مجموعة الـ(بريكس) الدولية». ولقد بقيت نيودلهي حتى الآن، رغم كل شيء، بعيدة كل البعد عن المشاركة الفعلية في عملية السلام.

ووفقا لتلميذ أحمد، السفير الهندي الأسبق لدى السعودية والخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط، فإن الحماس الهندي في التواصل المباشر مع العالم العربي لا بد من أن يلقى ما يكافئه من الترحاب… «إن العلاقات الهندية مع كل من فلسطين وإسرائيل هي علاقات متمايزة تماما، وينبغي أن تلقى ما تستحقه من الأهمية على أساس وقائعها الموضوعية، فالعلاقات الهندية – الفلسطينية تستند على الدعم الثابت للقضية الفلسطينية، في حين أن العلاقات الهندية – الإسرائيلية تقوم على مبادئ المصالح الوطنية».

ويقول المحللون إنه من الخطأ الفادح التعامل مع فلسطين وإسرائيل على أنهما توأمان ملتصقان من الناحية السياسية؛ حيث أردف أحمد يقول: «لقد نجح مودي في الفصل التام بين العلاقات الهندية مع فلسطين ومع إسرائيل. وهذا هو المنهج الصحيح اللازم اتباعه. ومنهج الدبلوماسية الصفرية في حالة كهذه من الأخطاء الكبيرة بالنسبة لدولة كبرى في الثقل الدولي المتوسط كمثل الهند؛ إذ إن القوى الدولية المتوسطة لا تملك اعتماد المقاربات الدبلوماسية الصفرية في علاقاتها الثنائية الخارجية».

نقلا عن الشرق الأوسط

أخبار الصحف الهندية