مرحبـــا

طقس دلهي

21°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

الأخبار | 19 November 2017

إصــلاحات مودي.. نتـــائج عـكسيــة

قبل عام، كان رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” قد قرر إلغاء أوراق نقدية ذات فئات كبيرة في إجراء استهدف الأشخاص الذين لديهم ثروات خارج نطاق الاقتصاد الرسمي. وأقدم مودي على هذه الخطوة الاستثنائية لينظف البلاد من الفساد محاولا في الوقت ذاته التخلص من النقود المزورة المنتشرة بكثرة.

وأصاب القرار المفاجئ البلاد بالصدمة بعد أن وجد الناس أن النقود التي لديهم ليس لها قيمة. وامتص الإجراء السيولة من النظام النقدي لأن أكثر من 86% من العملة المتداولة تم سحبها. وعلى مدار شهور وقف مواطنون في طوابير طويلة أمام البنوك بغرض الحصول على أوراق نقد جديدة مقابل ما لديهم من أوراق نقد ألغت الحكومة التعامل بها. وفي بداية الأمر، أشاد الفقراء بالإجراء باعتباره خطوة على طريق مكافحة الفساد وسط الأثرياء. لكن التطبيق السيئ للإجراء أدى إلى مشكلة حادة في النقود وأضر بالإنفاق في البلاد التي يعتمد اقتصادها على التعاملات النقدية. وبعد مرور عام اختفت مشروعات اقتصادية صغيرة مما أدى إلى تقلص فرص العمل مما فاقم من البطالة وسط مئات الآلاف. وكان الاقتصاد الزراعي من أكثر القطاعات تضرراً من قرار إلغاء بعض فئات أوراق النقد المتداولة ولم يتعاف بعد.

وبرغم أن الحكومة تعلن الآن أن الإجراء استهدف أيضاً دفع الهند باتجاه الاقتصاد الرقمي لتقليص مجالات الفساد لكن بعد مرور عام ما زالت قطاعات مختلفة تشعر بالآثار السلبية في غمرة تقارير تفيد بأن آلاف الأشخاص ما زالوا يعانون وربما لن يستطيعوا التعافي وتحديدا في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على التعاملات النقدية. وفي أعقاب عملية إلغاء أوراق النقد ذات الفئات الكبيرة جاء قرار كبير آخر وهو فرض ضريبة على السلع والخدمات.

صحيح أن قرار فرض ضريبة على السلع والخدمات ربما يكون واحداً من أكبر الإصلاحات التي اتخذتها حكومة “مودي”، لكن القرار تعرض لانتقادات شديدة أيضاً بسبب سوء التطبيق. فالتطبيق المتسرع لهذا القرار الذي حول الهند إلى سوق موحدة، وما تبعه من عمليات تنقيح متعددة مثيرة للارتباك فيما يتعلق بمعدل الضريبة، تمخض عن فوضى هائلة. وكان استخدام الإنترنت في أداء الضرائب انتقالاً صعباً بالنسبة لأصحاب المشروعات الاقتصادية الصغيرة، وكثيرون منهم لا يعرفون كيفية استخدام الكمبيوتر أصلاً. وبينما لا نستطيع بعد أن نصدر حكما دقيقاً على مدى جدوى قرار إلغاء التعامل ببعض أوراق النقد، لكن التطبيق السيئ فتح المجال أمام انتقادات كثيرة لحكومة “مودي”. وهناك استياء لأن النمو تباطأ كما تضرر المزارعون بشدة.

وبناء على هذين القرارين، تراجع الإنتاج المحلي الإجمالي للهند لسادس ربع على التوالي ليصل إلى 5.2% في أدنى مستوى له في ثلاث سنوات. وجاء البطء بسبب سحب 86% من أوراق العملة المتداولة وهو ما أضر بشدة بإنفاق المستهلكين في اقتصاد يعتمد على التعاملات النقدية. وتبع هذا تطبيق معدلات ضريبية جديدة باغتت الأنشطة الاقتصادية دون استعداد لها. والانتقادات ليس مصدرها أحزاب المعارضة فحسب بل أيضاً من داخل صفوف الحزب الحاكم. فقد وصف زعيم بارز في الحزب كان وزيراً سابقاً للمالية إجراء إلغاء التعامل ببعض الأوراق النقدية بأنه كان فشلاً قائلاً: «إن الأموال القذرة أو التي لم تكن ضمن الاقتصاد الرسمي لم تعد إلى النظام المالي الرسمي»، وطالب بإقالة وزير المالية في حكومة “مودي”. ووصف آرون شوري وهو وزير سابق أيضاً إلغاء التعامل ببعض فئات النقد بأنه “انتحار”.

ومن المعروف أن “مودي” جاء إلى السلطة بفوز ساحق قبل ثلاث سنوات بسبب ما قدمه من قائمة أولويات إصلاحية واعداً أن يحقق انتعاشاً اقتصادياً ويخلق المزيد من فرص العمل. وبدأ بتقليص الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية لتوفير الأموال لإقامة مشروعات البنية التحتية لحفز النمو. لكن بعد مرور أكثر نصف ولايته تراخت عزيمة رئيس الوزراء الهندي فيما يبدو، ولم يستطع خلق فرص عمل. وخلال ثلاث سنوات من حكمه فقدت الهند وصف “أسرع اقتصاديات العالم نمو”. وتسببت قائمة أولويات القوميين الهندوس في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في اضطرابات وانقسامات طائفية ودينية أكبر.

وتأتي هذه التطورات في غمرة حملة انتخابية في ولاية جوجارات التي مازال حزب “بهاراتيا جاناتا” يديرها منذ ما يقرب من عقدين من الزمن منها 13 عاماً تحت إدارة السيد “مودي” قبل أن يصبح رئيساً لوزراء البلاد عام 2014. وبرغم أن الفضل يُنسب إلى “مودي” في تحويل الولاية إلى قوة اقتصادية، لكن الحقيقة ما زالت هي أن سكان جوجارات معروف عنهم المهارة والجد في العمل. ومازال سكان الولاية هم السبب الرئيس في رخائها. وما زالت شعبية “مودي” مرتفعة حتى الآن في الولاية التي قال عنها بفخر إنه رجل من “جوجارات” أصبح رئيساً لوزراء الهند. لكن مقدار الفارق في الانتصار الذي يحققه حزب “مودي” في انتخابات الولاية سيكون مؤشراً واضحاً على مدى ما نال القراران السابقان لحكومة “مودي” من شعبية رئيس الوزراء الهندي.

نقلا عن الاتحاد.

أخبار الصحف الهندية