مرحبـــا

طقس دلهي

36°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

الأخبار | 11 June 2018

استـراتيجيـة «مـودي» لمواجهـة الصيـن

د. ذكر الرحمن

لم تكن زيارة رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» لكل من سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا هذا الأسبوع تهدف فقط إلى تعزيز علاقات الهند ودول جنوب شرق آسيا على المستوى الثنائي، بل أيضاً كانت في إطار استراتيجيته لمواجهة التطلعات الصينية المتزايدة في تلك المنطقة. فقد ظل يعمل باستمرار لما يزيد الآن على أربع سنوات لإعطاء بعض الزخم لسياسة الهند تجاه جنوب شرق آسيا. ونجح في تحويل سياسة «النظر شرقاً» التي تتبعها بلاده إلى سياسة «العمل شرقاً» من خلال زيارة منطقة جنوب شرق آسيا في مناسبات عديدة. ومن ناحية أخرى، تُعد الهند شريكاً في الحوار مع دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والتي تتكون من سنغافورة وإندونيسيا والفلبين وماليزيا وبروناي وتايلاند وكمبوديا وجمهورية لاو وميانمار. ويحتفل الجانبان حالياً بمرور 25 عاماً على الشراكة في الحوار وخمسة أعوام على الشراكة الاستراتيجية.

وقد شهدت العلاقات بين رابطة «آسيان» والهند نمواً على مدى العامين الماضيين على خلفية المخاوف المتبادلة بشأن صعود الصين، علاوة على إدراك الفرص المتزايدة لتوطيد التعاون في عدة مجالات. وقد تعهد «مودي» بأن يظل نشطاً في تعميق العلاقات التي تربط بلاده بدول جنوب شرق آسيا بشكل مستمر، وذلك خلال حضوره القمة الـ 12 بين «الآسيان» والهند، والتي عُقدت عام 2014. وعلى الرغم من ذلك، فإن زياراته الفردية لدول جنوب شرق آسيا هي التي من المتوقع أن يكون لها أكبر الأثر.

خلال زيارته إلى سنغافورة، التقى «مودي» ونظيره السنغافوري «لي هسين لونج»، حيث ناقشا سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التجارة والاستثمار والاتصال والابتكار والتكنولوجيا. وكان الاستعراض الجاد بين الجانبين، بعيداً عن الأعضاء الآخرين لوفدي البلدين، لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، والتي ترمي إلى تنشيط التجارة والاستثمار بين البلدين هو جوهر الاجتماع بين زعيمي البلدين.

تعد سنغافورة عضواً رئيساً في رابطة «آسيان»، وقد ساهمت في دعم قضية الهند داخل الرابطة. وسلّط «مودي» الضوء، خلال الكلمة التي ألقاها أمام حوار شانجريلا، على أن الهند تدعم منطقة الهند والباسيفيك الشاملة والحرة والمفتوحة، والتي تحتضن الجميع في سعي مشترك لتحقيق التقدم والازدهار. وأعرب عن أمله في أن تبدأ الهند والصين العمل معاً في مناخ من الثقة، الأمر الذي من الممكن أن يبشر بمستقبل أفضل للمنطقة.

وخلال زيارته لإندونيسيا، وهي الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها إلى أكبر دولة إسلامية في جنوب شرق آسيا من حيث عدد السكان، سعى «مودي» إلى تعزيز العلاقات بين البلدين خلال لقائه مع الرئيس «جوكو ويدودو». وإلى جانب البحث في آفاق التعاون بمجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك توقيع 15 اتفاقية، قرر البلدان تطوير العلاقات لتصبح «شراكة استراتيجية شاملة» مع وصول الهند إلى ميناء سابانج. ويمكن أن يساعد هذا المرفق الهند في توسيع وجودها في مضيق «ملقا»، الذي يعد طريقاً بحرياً ذا أهمية استراتيجية. وعلاوة على ذلك، وافق البلدان على اتخاذ خطوات عاجلة لزيادة الاتصال بين جزر «أندامان ونيكوبار» في الهند والمقاطعات الإندونيسية في سومطرة من أجل تعاون بحري قوي. ومع ابتعاد المالديف عن الهند واقترابها الشديد من الصين ومع عدم وجود أي مؤشرات على التقارب المبكر في الأفق، ربما ترمي زيارة «مودي» إلى تعزيز وجود بلاده في المنطقة من خلال الانحياز إلى جاكرتا للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة من 2019-2020. ومن المتوقع أن يتم انتخاب معقد مجموعة آسيا والباسيفيك هذا الأسبوع، حيث تتنافس إندونيسيا والمالديف للحصول عليه.

أما المرحلة الأخيرة من زيارة رئيس الوزراء الهندي، فتشمل ماليزيا وتكتسب أهمية كبرى حيث تأتي عقب فوز «مهاتير محمد» في الانتخابات التي أجريت مؤخراً. وقد كان «مودي» حريصاً على التوجه شخصياً إلى كوالا لامبور لتهنئة مهاتير محمد. ومما لا شك فيه أن زيارة ماليزيا لها أهمية كبرى بالنسب للحزب الحاكم في الهند، لأنه توجد جالية هندية كبيرة تعيش وتعمل هناك وتشكل جزءاً رئيساً من بنك التصويت للحزب. وخلال محادثاته مع نظيره، أكد «مودي» على القوة الجوهرية للعلاقات بين الهند وماليزيا. وقد اتفق البلدان على العمل في مجالات مثل التكنولوجيا ومكافحة الإرهاب والإرهاب السيبراني والقضاء على الفقر. كما قرر الجانبان تشكيل قوة عمل للتعاون في هذه القضايا.

تعد زيارة «مودي» لجنوب شرق آسيا والجهود المبذولة لتحسين العلاقات جزءاً من طموحات الهند للظهور كقوة رئيسة في آسيا. ولتحقيق هذا الهدف، تحتاج الهند إلى تعزيز اتصالها. ومن ثم، في حين أنها حريصة على دعم العلاقات مع تجمع «الآسيان»، فهي حريصة في نفس الوقت على ضمان توطيد علاقات أقوى مع كل دولة على حدة. وقد أصبحت الدول الثلاث التي زارها مودي –ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة –شركاء استراتيجيين رئيسيين للهند. فبالنسبة للهند، أصبح توطيد الاتصال والروابط مع جنوب شرق آسيا أمراً حاسماً، نظراً لانتشار نفوذ الصين في الدول المجاورة للهند وفي منطقة المحيط الهندي. لقد حددت نيودلهي الدول التي تخشى أيضاً من صعود الصين في هذه المنطقة وقرر دفع علاقاتها مع تلك الدول وخارجها من خلال «آسيان».

نقلا عن الاتحاد.

أخبار الصحف الهندية