مرحبـــا

طقس دلهي

39°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

الأخبار | 18 February 2019

من المهم أن تتضامن الهند مع أجندة الإصلاح للأمير سلمان في المملكة

تعريب: عظيم أنور 

(كتب الصحفي الهندي الكبير سي. راجا موهان مقالا بعنوان (India’s solidarity with Prince Salman’s reform agenda back home is important) نشرته صحيفة إندين إكسبريس اليومية في نسختها الصادرة في 18 فبراير 2019م، ويُنشر مفاد هذا المقال باللغة العربية)

يتوقع أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الهند خلال الأسبوع الجاري والتي يقوم بها ضمن جولته الآسيوية بما في ذلك باكستان والصين، ستقوم بترسيخ اتجاهين هامين وأن تساعد في إطلاق إتجاه ثالث مهم. الأول يتعلق بالدينامية الثلاثية مع باكستان والثاني تعميق العلاقات الثنائية بين الهند والسعودية.

أما الثالث فهو توسيع الدعم لأجندة الأمير سلمان الهادفة إلى “عكس نتائج سلبية ناتجة عن الثورة الإيرانية في عام 1979″، عندما بدأت التطورات الإقليمية الصاخبة والاستجابة السعودية لها تغير المعادلة بين الدين والسياسة في المنطقة وزعزعة استقرار الجوار الهندي وتغيير العلاقات بين دول جنوب آسيا نحو الأسوأ.

وفيما يتعلق بباكستان، أدى تقسيم الهند (إلى الهند وباكستان) إلى إيجاد مشكلة كبيرة للهند بالنسبة لمشاركتها مع دول شبه الجزيرة العربية. إن العلاقة التاريخية بين شبه القارة الهندية مع دول الخليج عميقة وحضارية في طبيعتها وأصبح الحكم البريطاني في الهند غير المقسمة إبان الحقبة الاستعمارية مزوّدًا لمكونات الأمن والسلامة والميسر للعولمة الاقتصادية في المنطقة.

وفي الفترة ما بعد التقسيم والاستقلال، سعت باكستان إلى حشد الدعم السياسي من منطقة الشرق الأوسط وذلك باسم الهوية الدينية المشتركة. وبعد أن منحت بريطانيا الاستقلال للممالك الخليجية الصغيرة وسحبت معظم قواتها العسكرية من شرق السويس في مطلع السبعينات، تدخلت باكستان للنظر في الإنفلات الأمني بالمنطقة. (كانت الولايات المتحدة بالطبع هي القوة الرئيسية التي ملأت الفراغ الذي تركته بريطانيا).

على الرغم من أن الهند كانت تعتبر الشريك الأمني المفضل لبعض دول الخليج، فأن الهند غير المنحازة كان لها اهتمام قليل بمواصلة الإرث الاستراتيجي للحكم البريطاني. وكان تركيز الهند على المستوى السياسي ينصب على التضامن مع القومية العربية وضد الاستعمار الجديد والإمبريالية الغربية. ونظرا لتفضيل الهند “للجمهوريات العلمانية” في الشرق الأوسط، فإن عنصرا من عناصر الدفاع ازداد حتما وجليا في علاقات الهند مع الملكيات المحافظة دينا، وخاصة مع السعودية.

وأصبحت الرياض القوة الدافعة وراء منظمة التعاون الإسلامي التي أنشئت في عام 1969 بغية توحيد الأنظمة المحافظة في المنطقة باعتبارها مواجهة للقوميين العرب الممولين من الاتحاد السوفياتي. إن الخطاب العدائي لمنتدى التعاون الإسلامي (بتحريض من باكستان) حول مسألة كشمير يتسبب في تشويه الصورة في نيودلهي، والتي تقضي بأن السعودية والملكيات المحافظة “مؤيدة لباكستان”. وفي الواقع، لم تكن قضية كشمير ذات أولوية بالنسبة للحكومة السعودية.

وبفضل تقاليد الهند الدبلوماسية التي تمتاز بتفضيل “الحرفي (Literal)” على “العملية (Practical)”، لم تفعل الهند الكثير لأجل تطوير علاقة تقوم على المصالح المشتركة مع الرياض. ومع ذلك، كانت هناك مشاكل حقيقية، مما أدى إلى الحد من إمكانيات الهند في السعودية، وشملت هذه المشاكل كلاً من الاختلافات المتزايدة حول القضايا الإقليمية مثل أفغانستان، واحتضان الهند للاتحاد السوفياتي، والاعتماد المفرط للممالك الخليجية على الغرب، إلى جانب الدعم السعودي للإسلام المتطرف خارج حدودها منذ أواخر السبعينيات.

ولّدت كل من نهاية الحرب الباردة، والإصلاحات الاقتصادية في الهند، والترابط الاقتصادي المتنامي – بفضل واردات الهند المتزايدة من النفط، وصادرات القوى العاملة – اهتماماً أكبر في الممالك الخليجية بما في ذلك السعودية، فيما يخص الحد من الخلافات السياسية مع الهند وتوسيع آفاق العلاقات الثنائية والشراكات الاقتصادية.

ومع اتساع الفجوة في القدرات الاقتصادية الوطنية بين الهند وباكستان منذ تسعينيات القرن الماضي، مما صب في مصلحة الهند، كانت السعودية سعيدة بإلغاء ارتباط مشاركتها في منطقة جنوب آسيا. مما سمح بدوره، للهند بالتوقف عن النظر إلى السعودية من خلال العدسة السياسية لباكستان.

جاء التعبير الملموس والعام عن رغبة السعودية في إلغاء إرتباطاتها في جنوب آسيا خلال زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الهند في عام 2006 والتي اعتبرت الأولى من قبل عاهل سعودي خلال خمسة عقود. تعتبر زيارة الأمير محمد بن سلمان الآن بالنسبة للهند فرصة لبناء شراكة راسخة وشاملة حول الأساس الذي تم وضعه خلال العقد الماضي.

من جانبه، اتبع السيد ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، نهجا غير إيديولوجي لمشاركة الهند مع الشرق الأوسط بشكل عام ومع الممالك الخليجية بوجه خاص. وما هو الملفت للنظر هو علاقات رئيس الوزراء الهندي الحالي الشخصية مع قادة المنطقة مثل الأمير سلمان (المراد هنا الأمير محمد بن سلمان) والشيخ محمد بن زايد الحاكم الفعال لدولة الإمارات العربية المتحدة، قد نفخت روحا ديناميكية للغاية في العلاقات الثنائية بين الهند ودول الخليج العربي.

وبالإضافة إلى التركيز التقليدي على تعزيز التعاون في قطاع الهيدروكربونات، هناك العديد من الاحتمالات الجديدة التي تشكل جزءا من أجندة الأمير محمد سلمان الطموحة الرامية لتحديث الاقتصاد السعودي، إلى جانب أجندة جدول الأعمال للزيارة التي تهدف إلى تحقيق توسع بارز في آفاق التعاون الثنائي لمكافحة الإرهاب.

ترغب المملكة العربية السعودية أيضا في تعزيز التعاون الثنائي في مجال الدفاع وتتطلع إلى تطوير التنسيق الاستراتيجي الثنائي في الشؤون الإقليمية. ويبدو أن الإمكانيات محدودة فقط بقدرة البيروقراطية الهندية على تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين على المستوى السياسي.

أما ما يتعلق بالبعد الثالث لزيارة الأمير سلمان (الأمير محمد بن سلمان حسب السياق) إلى الهند – حول “عكس نتائج الثورة الإيرانية لعام 1979”. أعلن الأمير سلمان (الأمير محمد بن سلمان) في كثير من الأحيان التزامه بعكس النتائج السلبية الهائلة المتمخضة عن الثورة الإيرانية لعام 1979. قامت أربعة تطورات في عام 1979 بهز الحكام السعوديين هزا شديدا، إنها تشمل كلاً من الاستيلاء على الحرم المكي من قبل السلفيين السعوديين المسلحين، والإطاحة بشاه إيران من قبل آية الله الخميني، وتمرد الشيعة في شرق السعودية، والغزو السوفياتي لأفغانستان.

وفيما يخص مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية الجديدة، بدأ آل سعود بترويج الإسلام في صورة أكثر تحفظا في الداخل، ودعم التطرف السني في الخارج، مما شمل دعم الجهاد في أفغانستان، والحرب الأمريكية والباكستانية ضد النظام المدعوم من الاتحاد السوفيتي في كابول بأفغانستان. واستفاد الجنرال ضياء الحق من الدفع الديناميكي الإقليمي الجديد الذي دفع باكستان نحو التحفظ الإسلامي.

وفي مقابلة له مع صحيفة الجارديان في عام 2017 ، أكد الأميرمحمد بن سلمان بقوله أن المملكة العربية السعودية لم تكن “دولة طبيعية” بعد عام 1979، مضيفا أن السياسات التي اتبعتها السعودية بعد 1979 هي الآن تشكل عبئا على مستقبل مثمر للسعودية. تعهد الأمير محمد بن سلمان بالتغلب على انحرافات عام 1979 وإعادة السعودية إلى “الإسلام المعتدل”، حيث قال: “إننا ببساطة نرجع إلى ما كنا نتبعه يعني إسلام معتدل منفتح على العالم وجميع الأديان”.

ويشك العديد من المراقبين، لا سيما في الغرب، في إمكانية حدوث تغيير حقيقي في السعودية. إلا أنه وفي المقابل، الهند لديها كل الأسباب لدعم الأمير محمد بن سلمان وبشكل قوي، حيث أن الهند لا تزال تعاني من عواقب الثورة الإيرانية لعام 1979.

ومن الأهمية بمكان أن يعتبر تضامن الهند الواضح وغير المحدود مع أجندة الإصلاح للأمير محمد بن سلمان في داخل المملكة، ومع جهوده لتعزيز الاعتدال الديني والسياسي في المنطقة، عاملاً أكثر أهمية من مذكرات التفاهم التي ستوقعها الهند مع السعودية خلال هذا الأسبوع.

أخبار الصحف الهندية