مرحبـــا

طقس دلهي

39°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

الأخبار | 25 July 2020

يجب على الهند مراقبة تطور العلاقات بين الصين وإيران، والحذر من استنتاجات متسرعة

[ كتب وكيل وزارة الخارجية الهندية السابق شيام سران، مقالا بعنوان: India should monitor ties between China and Iran, but must guard against hasty conclusions ونشرته صحيفة إندين إكسبريس اليومية في عددها الصادر في 24 يوليو 2020م. وينشر مفاده لتعم الفائدة ]

ثمة تقارير تفيد بأن إيران والصين على وشك إبرام شراكة استراتيجية لمدة 25 عام، قد تنطوي على شراكة تجارية واستثمارية يبلغ مجموعها 400 مليار دولار أمريكي، مما يثير مخاوف في الهند. وتفيد التقارير أن إيران قررت القيام من تلقاء نفسها، بمد خط السكة الحديدية بين تشابهار- زاهدان، حتى حدودها مع أفغانستان، لأن الهند تؤجل تنفيذ هذا المشروع. ولم يتم تسليم المشروع إلى الصين – وعلى الأقل حتى الآن -، لذا القول بأن “الهند تخسر، الصين تفوز” سابق لأوانه.

وليست الهند فقط بل الدول الأخرى بما في ذلك الصين أيضا، هي التي وجدت صعوبة في القيام بمشاريع في إيران بسبب العقوبات الأمريكية. وانخفضت المشتريات الصينية للنفط الإيراني بشكل كبير في العامين الماضيين، كما انخفض إجمالي التجارة الثنائية إلى 23 مليار دولار في عام 2019 مقارنة بـ35 مليار دولار.

وخلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لإيران في يناير 2016، جاء الإعلان عن هدف تجاري بمبلغ 600 مليار دولار خلال 10 سنوات. وقد تستمر خطة الشراكة الاستراتيجية لمدة 25 عاما التي تبلغ 400 مليار دولار. ولا يصدق ذلك تماما، مع أن إيران قدمت الكثير منها إلا أنها لم تؤكدها الصين. حتى وصفتها إيران الآن بأنها “مسودة” مقدمة للنظر فيها من قبل الصين والتي ستحتاج إلى موافقة البرلمان الإيراني. وكانت محتويات المسودة في المجال العام منذ سبتمبر من العام الماضي. وتشجع إيران هذه التقارير على الإيحاء بأن لديها أصدقاء أقوياء، ولم تتمكن الولايات المتحدة من عزلها. هذه هي الطريقة التي تمثلت بها التدريبات البحرية الثلاثية بين إيران والصين وروسيا، والتي جرت في خليج عمان في شهر يونيو هذا العام، واصفة إياها بـ “مثلث القوة الجديد”.

تولي الصين أهمية بعلاقاتها مع إيران التي تعد مصدرا رئيسيا لإمدادات الطاقة، وبكونها جزءا هاما في مبادرة الحزام والطريق الطموحة، وسوقا مربحة لصادرات مشروعها وتصنيعها. ومع ذلك، إنها قامت، مثل الهند، بالحفاظ على التوازن من خلال تطوير العلاقات الأوثق مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تعدان حاليا أكبر البلدان الموردة للنفط والغاز إلى الصين من إيران.

وبعد مضي أسابيع على التدريبات البحرية ثلاثية الأطراف، التقى منتدى التعاون الصيني ـ العربي نصف السنوي في الأردن في وقت سابق من هذا الشهر، وذلك بإعلان الصداقة الصينية والعربية. وقد برزت الصين كدولة رئيسية لتوريد الأسلحة إلى الدول العربية، وإنها أجرت تدريبات بحرية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولا تزال لديها علاقات قوية مع إسرائيل أيضا. وليس هناك شك في أن القدرات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية الصينية قد تعززت، كما توسعت صورتها في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية أيضا. وفي حين يتزايد الاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة في مجالي النفط والغاز، ثمة شكوك متزايدة في موثوقيتها كحليف، رحبت دول الخليج بالصين كأكبر مستورد للنفط في العالم، ومصدر للإمدادات العسكرية وكشريك أمني ناشئ.

ومع الاعتراف بهذا المشهد الجغرافي السياسي المتغير، يجب على الهند اتباع سياستها الناجحة من خلال الحفاظ على العلاقات الإيجابية مع إيران والدول العربية وإسرائيل، كما فعلت الصين، ولاتستخدم الصين كعامل لتشكيل سياستها.

كانت هناك دعوات من قبل بعض المحللين لخفض العلاقات مع إيران من أجل التوافق مع الولايات المتحدة بشكل أوثق، ولأجل التركيز على العلاقات مع الدول العربية بشكل أكبر. وذلك قد يكون خطأ. والهند سيكون لديها مساحة أكبر للمناورة في المنطقة من خلال الاستمرار في الحفاظ على علاقات قوية وودية مع إيران. ولا ينبغي لأحد أيضا أن يستبعد إمكانية قيام رئيس أمريكي ديمقراطي بإحياء برنامج العمل الشامل المشترك أو الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 ، والذي انسحب منه الرئيس دونالد ترامب في عام 2018. لأن إحياء الصفقة من شأنه أن يفتح الباب أمام الشركات الأمريكية والأوروبية لأجل استئناف التجارة مع إيران. وفي الفترة 2015-2018 عندما تم رفع العقوبات جزئيا على إيران، إنها فضلت اللجوء إلى الغرب بدلاً من الصين من أجل انتعاش الاقتصاد. وتعود الخطة الاستراتيجية لمدة 25 عاما إلى يناير 2016، لكن الصين اشتكوا من أن الإيرانيين كانوا يترددون في إجراءات المتابعة. حيث أن إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الشديدة هي التي دفعت إيران إلى اللجوء إلى الصين، لكن الأخيرة ظلت حذرة.

ولاينبغي للهند أن تتوصل إلى استنتاجات متسرعة لتضر بعلاقاتها مع إيران التي لا تزال ذات أهمية استراتيجية. والسعي لشراكة أمنية أوثق مع الولايات المتحدة لا يعني إلزام الهند بأن تحذو حذو الولايات المتحدة في علاقاتها الهامة الأخرى. إذ أنها ظلت تتعامل بحق، مع روسيا على الرغم من أن العلاقات الروسية الصينية هي الأقرب التي كانت عليها عبر التاريخ، وقد ازدادت المواجهة الروسية مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. ونفس المنطق ينطبق على علاقاتنا مع إيران، والذي كان بمثابة كبح الجماح على باكستان.

 هذا لايقلل من شأن مراقبة الهند تطور العلاقات بين الصين وإيران عن كثب، الأمر الذي قد يعقد مصالحنا الأمنية في الغرب. مما يثير القلق بشكل خاص بسبب الإشارة الواردة في الخطة الإستراتيجية للصين التي تستمر 25 عاما، لبناء ميناء جديد في مدينة جاسك عند واجهة مضيق هرمز. قد يكون هذا مرتبطا بحقول النفط والغاز داخليا من خلال خطوط الأنابيب والسماح، بالشحنات حتى إذا تم إغلاق مضيق هرمز الضيق. إذا كانت الصين تشغل الميناء مثل ميناء جوادار الكائن على الساحل الباكستاني القريب، فإن الوجود البحري الصيني في الجانب الغربي من المحيط الهندي سيحمل أهمية. حيث سيكون الأمن البحري للهند معرضا لخطر أكبر. كما سيكون ذلك مصدر قلق عميق بالنسبة للدول العربية التي ستعاني من أي إغلاق لمضيق هرمز، بينما تظل إيران أقل تأثرا. وهناك قضية قد تؤدي إلى تفاعل الدول العربية بشكل سلبي مع الصين بما أنها تؤيد جانبين متنازعين. ويجب على الهند أيضا أن تعرب عن مخاوفها تجاه إيران أثناء العمل على استراتيجية مضادة.

أخبار الصحف الهندية