مرحبـــا

طقس دلهي

32°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

أخبــار من الصحف الهندية | 30 December 2017

ظروف غامضة تنتظر العالم العربي ومصالح الهند في عام 2018م

 بقلم، ديبانجان روي تشودري

تعريب: فهيم أحمد

التوترات بين اللاعبين الرئيسيين في غرب آسيا، والجهود الرامية لإحكام قبضته على سلطة المملكة العربية السعودية من قبل ولي العهد محمد بن سلمان، والتحرك الأمريكي لنقل سفارتها إلى القدس، قد تمثل نقاط البرق التي قد تدفع المنطقة الأكثر تعقيدا في العالم، إلى مزيد من عدم الاستقرار خلال عام 2018م، كما قد يكون لها تأثير عالمي من إمدادات الطاقة إلى العمالة الوافدة وإلى نشر التطرف أيضا. وقد تكون الهند أيضا من بين البلدان الأكثر تأثرا بذلك الوضع لأن معظم إمداداتها من الهيدروكربونات لا تزال تُستورد من غرب آسيا، ويعمل ما بين 7 – 8 ملايين مواطن هندي في ست دول خليجية وهم يرسلون مليارات الدولاراتإلى

و لم يزل استقرار المملكة العربية السعودية موضع نقاش، حتى جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مما أثر على الوضع الراهن للمنطقة تأثيرا كبيرا، ودفع المنطقة إلى عدم استقرار بشكل أكثر. ولا يشهد هذا القرار تزايد وتيرة الاحتجاجات المعادية للولايات المتحدة وحدة الاستياء بين حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي فحسب بل إنما قد يعزز القوى الراديكالية التي يمكن أن تؤثر على جميع القارات. وفي حين من المأمول أن يسود الاستقرار في الرياض، فمن الحكمة إذا أعادت الولايات المتحدة النظر في قرارها بشأن القدس، مما قد يؤدي إلى منح الهجمات على أقرب حليفها إسرائيل. حتى قد يصعب على حلفاء اسرائيل من البلدان العربية أمثال الأردن ومصر حماية إسرائيل. وبدأت تركيا التي تتمتع بعلاقات دبلوماسية مع اسرائيل بمبارزة شفهية مع تل ابيب.

وقد يؤثر القرار الأمريكي على تزايد العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية إذ أن فلسطين هي مقدسة للعالم العربي ومنظمة التعاون الإسلامي. وبادرت الهند بأن تنأى بنفسها عن قرار الرئيس ترامب نظرا لعلاقاتها مع فلسطين ومصالحها في المنطقة. في الواقع، يخطط رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لزيارة فلسطين قريبا لدعم الالتزام الذي تقوم به الهند بشأن حل الدولتين.

كان الربيع العربي الذي انطلق في شمال أفريقيا،بمثابة أول تحدي للممالك الخليجية التي كانت جزر السلام والهدوء لعقود من الزمن، وإن هذا الوضع اختبر قدرة الهند أيضا فيما يخص إجلاء مواطنيها من منطقة الأزمة لأن لها أكثر من سبعة ملايين مواطن هندي في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن حسن الحظ أن البحرين نجت من الأزمات،حيث تنفس دلهي صعداء. بينما كان إجلاء أكثر من 4،000 شخص من اليمن تحدي، كما لم يكن عملية الإجلاء في العراق عام 2014م، أيضا أقل خطرا. شهدت الهند مرة أخرى، أزمة عقب تدهور العلاقات بين الرياض والدوحة، وتلتها الأزمات الداخلية في المملكة العربية السعودية. في حين أن القيادة السعودية الحالية في خضم حملة تحديث تشمل اتخاذ إجراءات ضد طبقة من الولاء، ومن المستحيل أن تنتهي الأزمة في أكبر وأغنى البلاد في المنطقة قريبا. فإن عدم استقرار محتمل في المملكة العربية السعودية لن يؤثر على مواطنيها البالغ عددهم 32 مليون نسمة فحسبوإنما سيؤثر تأثيرا متساويا على العمالة الوافدة وعلى إمدادات الطاقة على الساحة العالمية. كما يمثل دور الحكومة السعودية أمرا حاسما في مكافحة الإرهاب إذ أن الرياض تساعد دلهي ضد شبكات الإرهاب والمدبرين على مدى العقد الماضي. وقد تم توسيع الشراكة الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية تحت الحكومة الهندية التي يقودها رئيس الوزراء مودي مع التركيز على أهم المجالات مثل الدفاع والاستثمارات في حين تعطي الرياض زخما لسياسة التوجه إلى الشرق.

وكانت مسارح غرب آسيا معقدة منذ عقود من الزمن، حيث لم يؤد إنشاء دول حديثة في المنطقة إلى الحد من تعقيدات. وما كان عام 1979 عاما حاسما في تاريخ أفغانستان فحسب بل لإيران (الثورة) وللعراق (تولي صدام حسين السلطة) ولم يزل يشعر بتداعيات ذلك. وعلى الرغم من العقوبات، برزت إيران كواحدة من البلدان القوية في المنطقة حيث عززت حرب العراق الثانية نفوذ طهران في المنطقة. وليس من السر أن المملكة العربية السعودية شعرت بتهديد من تزايد النفوذ الإيراني، حيث أن التوترات الحالية التي تشهدها المنطقة هي نتيجة لمحاولات الإمساك بالنفوذ في المنطقة،  وفي نفس الوقت تسعى تركيا وإسرائيل أيضا إلى مكانها في المنطقة. ولم تشهد سوريا التي حاول فيها جميع اللاعبين الإقليميين أن يخدعوا بعضهم بعضا، تغيير النظام.

وإن الهند مع علاقاتها التاريخية مع الإمبراطوريات العثمانية والفارسية والعراق والخليج بجانب مصر والمغرب ودول شمال أفريقيا الأخرى، تعاملت مع تعقيدات العالم العربي بطريقة سلسة نوعا ما. كما أنها وبموقفها المحايد استطاعت الحفاظ على علاقاتها مع كل من إسرائيل وفلسطين، والمملكة العربية السعودية وإيران، والمملكة العربية السعودية وقطر. ومازال يوجه نهج دلهي بدعم حل الدولتين الذي تتعايش فيه إسرائيل وفلسطين. وتزداد العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي الست في حين بدأت الدول الغنية بالنفط والغاز تتطلع نحو الشرق مع دور دولة الإمارات العربية المتحدة كرائدة من الجبهة.

كما تتوسع في الوقت ذاته، التفاعلات مع إيران باستمرار رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران. وتحظى شمال أفريقيا بالاهتمام المنشود من قبل دلهي بما تحمل المنطقة أهمية فيما يخص الأمن الغذائي للهند، علما بأن وجود مؤسسات قوية، وتزايد الطبقة الوسطى الماهرة، والاتصال بأوروبا، واحتياطيات الغاز، والترابط بين الشعوب والتهديدات الناجمة عن الجماعات الإرهابية وتزايد التطرف وتوسيع السوق الهندية ومكانة دلهي العالمية المتنامية تؤدي إلى خلق إمكانيات جديدة للشراكة.

وبالرغم من ذلك، أن التطورات السياسية التي تشهدها منطقة الخليج وتدهور العلاقات السعودية الإيرانية وارتفاع الهجمات الإرهابية في مصر والمصالح المتنافسة للقوى العالمية، تتطلب من الهند تبنى طرق التعامل المتين مع العالم العربي. ومن الضروري أن يتم اتباع سياسة تمكن دلهي من المحافظة على الحياد من خلال تبنى نهج متوازن يخدم مصالحها في مجال الطاقة والأمن والمصالح الاقتصادية. وقد عادت روسيا إلى المنطقة للمرة الأولى منذ أوائل السبعينات، من خلال نجاحها في هزيمة داعش في سوريا، فإنه ونظرا إلى العلاقات الاستراتيجية الوثيقة بين دلهي وموسكو، من الحكمة أن يبدأ الطرفان حوارا حول الوضع في غرب آسيا.

قد اتخذت دلهي أكبر عملية إجلاء في تاريخ البشرية خلال حرب الخليج الأولى وبعد ذلك خلال الربيع العربي في ليبيا تليها العراق واليمن، فإنها ستواجه أكبر تحد في هذا الصدد إذا تعين عليها إخلاء العمالة الهندية من المملكة العربية السعودية أوالإمارات العربية المتحدة أو مملكة البحرين أو حتى دولة قطر وسطلنة عمان. علما بأن عدد الجاليات الهندية المقيمة في منطقة الخليج يتراوح بين سبعة وثمانية ملايين نسمة. وإذا اضطرت حكومة دلهي إلى إجلاء نصف هذه الجالية، فإن ذلك سيكون وسكون عملا شاقا، حيث أن التحويلات المالية ستكون ضحية كبيرة في ظل هذه الظروف. ويجب أن يتم وضع خطة لإجلاء مثل هذا النحو في سياسة دلهي الخاصة بمنطقة الخليج. في حين أن وجود الاستقرار في الخليج أمر ضروري لتوفير إمدادات الطاقة أيضا بشكل سلس. ولا يسعنا إلا أن نأمل بأن تظل المملكة العربية السعودية مستقرة لأجل مصلحتها ولأجل مصالح الهند والمجتمع الدولي أيضا.

أخبار الصحف الهندية