مرحبـــا

طقس دلهي

33°

تقــارير خـــاصـــة

الهند
في الإعلام العربي

الأخبار | 14 May 2017

الهند وتصحيح العلاقات مع سريلانكا

د. ذكر الرحمن

في الوقت الذي تواصل فيه الصين تقديم المساعدات إلى البلدان المجاورة للهند، وتنفيذ مشاريع تشييد البنى التحتية الضخمة، أصبحت نيودلهي أكثر اهتماماً بالدول المجاورة لها. وفي أحدث تطور في هذا الاتجاه، وافقت الحكومة الهندية على بناء مركّب لتجميع الطاقة الشمسية بقدرة 50 ميجاواط في مقاطعة «تيرينكومالي» السريلانكية خلال الزيارة التي قام بها «رانيل ويكريميسينج» رئيس وزراء سريلانكا إلى الهند. واتخذت نيودلهي أيضاً قراراً بمساعدة كولومبو على تشييد بنية تحتية من الطرق التي تطابق المواصفات العالمية في منطقة «جافنا».

وقع البلدان أيضاً على مذكرة تفاهم للتعاون الهندي في حقول مختلفة مثل صناعة الغاز الطبيعي السائل وتجديد قطاع خدمات تجديد وإصلاح الطرق وتشييد موانئ الشحن والتفريغ والزراعة والمنتجات الحيوانية وإدارة مشاريع الري والمياه.

الهند تعتبر سريلانكا جارة مهمة. وفي الوقت الذي تسعي فيه الهند لعصرنة قواتها البحرية، فإنها تحاول أيضاً تفعيل حضورها في المحيط الهندي لحماية مصالحها البحرية. وخلال العامين الماضيين، كانت الهند تحرص على تطوير علاقاتها مع الدول المطلة على المحيط الهندي في إطار دبلوماسيتها البحرية، وأصبحت هذه السياسة على جانب كبير من الأهمية في الوقت الراهن بعد أن عززت الصين قوتها البحرية وكثفت حضورها في كل آسيا بما في ذلك جنوبها، وهذا هو السبب الذي يدفع الهند إلى اعتبار سريلانكا بلداً مفتاحياً في «دبلوماسية المحيط الهندي» التي تتبعها.

ويُذكر أن علاقة الهند مع سريلانكا لم تكن جيدة دائماً، وعندما كانت الهند تتعاطف مع أوضاع هذه الجزيرة المتاخمة لشواطئها الجنوبية، فإن إحساساً بالقلق والعزلة ساد هذه الجارة الصغيرة المجاورة للهند وكان سببه التصور بأن الهند ستلعب دور الأخ الأكبر. وازدادت العلاقة بين البلدين تدهوراً على خلفية رفض الهند تقديم الدعم العسكري للحكومة السريلانكية خلال حربها ضد جماعة «نمور التاميل» خلال عقد الثمانينيات، وهي الفرصة التي استغلتها الصين وباكستان آنذاك بشكل متقن حيث زودت القوات الحكومية بالطائرات وأنواع الأسلحة المختلفة، فضلاً عن تدريب فصائل من الجيش، وهو ما أدى إلى هزيمة حركة «نمور التاميل» وإعلانها عن إلقاء السلاح.

ومنذ ذلك الوقت والصين تواصل تعزيز وجودها القوي في سريلانكا وخاصة من خلال مساعدتها على تنفيذ عدد من المشاريع بما فيها تشييد ميناء بحري ضخم. وقبل سنتين، وجهت الهند احتجاجاً شديد اللهجة لسريلانكا بسبب سماحها لغواصة نووية صينية بالرسو في ميناء العاصمة كولومبو. ولم يسفر هذا الاحتجاج عن أي شيء سوى عن وصول غواصة صينية ثانية إلى الميناء ذاته.

وتردَّت العلاقات بين البلدين أكثر في عهد الرئيس السريلانكي «ماهيندا راجاباكسا» الذي اختار سياسة تقوية العلاقة مع الصين. وخلال فترة رئاسته، شعرت نيودلهي بأن كولومبو لا تقدم الجهد الكافي لمساعدة التاميل المهجرين، وهم يشكلون أغلبية عرقية هندية في القطاع الشمالي لسريلانكا. وتعمقت مشاعر الغضب في الهند عندما قام الجيش السريلانكي باضطهاد التاميل بعد نهاية الحرب الأهلية حيث عاملهم باستخدام القوة المفرطة عام 2009. وبلغ الغضب أشدّه في ولاية «تاميل نادو» الهندية التي تعد موطناً لنحو 60 مليون تاميلي، وهذا ما دفع الحكومة الهندية السابقة إلى عدم الاهتمام بتطبيع العلاقات مع سريلانكا.

وأنفقت الهند مبالغ طائلة للمساعدة على إعادة بناء المناطق التي يسكنها التاميل. ومن ثم، وبسبب الطبيعة السكانية للهند، فإنها ستحافظ على مشاعر التعاطف مع معاناة التاميل في سريلانكا. وحاول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي رأب الصدع بين نيودلهي وكولومبو عن طريق إطلاق مبادرة لتحسين العلاقات العسكرية والدفاعية، وبدأ جولة مباحثات تتركز على التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وقام بزيارة لسريلانكا في إطار جولته في دول المحيط الهندي تهدف لتعزيز الوجود الهندي فيها.

وفيما دخلت العلاقة بين البلدين حالة الاستقرار تحت حكم الرئيس السريلانكي الحالي «سيريسينا»، إلا أن الهند لا زالت تراقب العلاقة التي تزداد عمقاً بين سريلانكا والصين وبشيء من الحذر والقلق. وعندما سيقوم «مودي» بزيارة سريلانكا هذا الأسبوع باعتباره «الضيف الرئيس» في إطار الاحتفال بعيد «يوم قيساك»، وهو أهم مهرجان بوذي في العالم، فسوف تتسنى له فرصة نادرة لبناء علاقات جديدة مع دول جنوب وجنوب شرق آسيا من خلال التركيز على الجذور البوذية للهند.

ومن المنتظر أن يواجه «مودي» تحديات أثناء وجوده في سريلانكا وسوف يحاول تجاوز كل المطبات السياسية التي قد يصادفها هناك، ولقد طالبت المعارضة السريلانكية برفع الأعلام السوداء في التظاهرات التي ينتظر تنظيمها احتجاجاً على زيارة «مودي» إلى كولومبو، واتهمت الحكومة بمحاولة بيع سريلانكا للهند. وتعد هذه الزيارة مهمة أيضاً لأن هناك محادثات ستتم بين الطرفين لمنح الهند حقوق تطوير ميناء «ترينكومالي» البحري السريلانكي، وهو ميناء مهم بالنسبة لخطط الهند التي تهدف لوضع حدّ لتزايد الوجود الصيني في سريلانكا والمحيط الهندي.

نقلا عن الاتحاد

أخبار الصحف الهندية